مقدمة
عقــيدة أهل السنة والجماعة
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَـنِ الرَّحِيمِ تقديــم لسماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه، أما بعد: فقد اطّلعت على العقيدة القيّمة الموجزة، التي جمعها أخونا العلامة فضيلة الشيخ: محمد بن صالح العثيمين، وسمعتها كلها، فألفيتها مشتملة على بيان عقيدة أهل السنة والجماعة في باب: توحيد الله وأسمائه وصفاته، وفي أبواب: الإِيمان بالملائكة والكتب والرسل واليوم الآخر، وبالقدَر خيره وشره. وقد أجاد في جمعها وأفاد وذكر فيها ما يحتاجه طالب العلم وكل مسلم في إيمانه بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره، وقد ضمَّ إلى ذلك فوائد جمة تتعلّق بالعقيدة قد لا توجد في كثير من الكتب المؤلفة في العقائد. فجزاه الله خيرًا وزاده من العلم والهدى، ونفع بكتابه هذا وبسائر مؤلفاته، وجعلنا وإيّاه وسائر إخواننا من الهداة المهتدين، الدّاعين إلى الله على بصيرة؛ إنه سميع قريب. قاله ممليه الفقير إلى الله ـ تعالى ـ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز سامحه الله، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وآله وصحبه. الرئيس العام لإِدارات البحوث العلمية والإِفتاء والدعوة والإِرشاد
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَـنِ الرَّحِيمِ الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك الحقّ المبين، وأَشهد أن محمدًا عبده ورسوله خاتم النبيين وإمام المتقين، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يومِ الدِّين، أما بعد: فإن الله تعالى أرسل رسولَه محمدًا ـ صلى الله عليه وسلّم ـ بالهدى ودينِ الحقّ رحمةً للعالمين وقدوة للعاملين وحجّة على العباد أجمعين. بيّن به وبما أنزل عليه من الكتاب والحكمة كل ما فيه صلاح العباد واستقامة أحوالهم في دينهم ودنياهم، من العقائد الصحيحة والأعمال القويمة والأخلاق الفاضلة والآداب العالية، فترك ـ صلى الله عليه وسلّم ـ أمّته على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك. فسار على ذلك أمته الذين استجابوا لله ورسوله، وهم خيرة الخلق من الصحابة والتابعين والذين اتبعوهم بإحسان، فقاموا بشريعته وتمسكوا بسنّته وعضّوا عليها بالنواجذ عقيدة وعبادة وخلقًا وأدبًا، فصاروا هم الطائفة الذين لا يزالون على الحق ظاهرين، لا يضرهم من خذلهم أو خالفهم حتى يأتي أمر الله تعالى وهم على ذلك.
ونحن ـ ولله الحمد ـ على آثارهم سائرون وبسيرتهم المؤيّدة بالكتاب والسنّة مهتدون، نقول ذلك تحدُّثًا بنعمة الله تعالى وبيانًا لما يجب أن يكون عليه كل مؤمن. ونسأل الله تعالى أن يثبتنا وإخواننا المسلمين بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، وأن يهب لنا منه رحمة إنه هو الوهاب. ولأهمية هذا الموضوع وتفرُّق أهواء الخلق فيه، أحببت أن أكتب على سبيل الاختصار عقيدتنا، عقيدة أهل السنّة والجماعة، وهي الإِيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشرّه، سائلًا الله تعالى أن يجعل ذلك خالصًا لوجهه موافقًا لمرضاته نافعًا لعباده.
محمد بن صالح العثيمين
عقيدتنـــا عقــيدة أهل السنة والجماعة
عقيدتنا: الإِيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره. فنؤمن بربوبية الله تعالى، أي بأنّه الرب الخالق الملك المدبِّر لجميع الأمور. ونؤمن بأُلوهية الله تعالى، أي بأنّه الإِله الحق وكل معبود سواه باطل. ونؤمن بأسمائه وصفاته، أي بأنه له الأسماء الحسنى والصفات الكاملة العليا. ونؤمن بوحدانيته في ذلك، أي بأنه لا شريك له في ربوبيته ولا في ألوهيته ولا في أسمائه وصفاته، قال الله تعالى: {رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً} [مريم: 65]. ونؤمن بأنه {اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} [البقرة: 255]. ونؤمن بأنّه {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [الحشر: 22ـ24]. ونؤمن بأنّ له ملك السموات والأرض {يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَن يَشَاءُ الذُّكُورَ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَن يَشَاءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ} [الشورى: 49، 50]. ونؤمن بأنه {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [الشورى: 11، 12]. ونؤمن بأنه {وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ} [هود: 6]. ونؤمن بأنه{وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ} [الأنعام: 59]. ونؤمن بأن الله {عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [لقمان: 34]. ونؤمن بأن الله يتكلم بما شاء متى شاء كيف شاء {وَكَلَّمَ اللّهُ مُوسَى تَكْلِيماً} [النساء: 164] {وَلَمَّا جَاء مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ} [الأعراف: 143] {وَنَادَيْنَاهُ مِن جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيّاً} [مريم: 52]. ونؤمن بأنّه {لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَاداً لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي} [الكهف: 109] {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [لقمان: 27]. ونؤمن بأن كلماته أتم الكلمات صدقًا في الأخبار وعدلًا في الأحكام، وحسنًا في الحديث، قال الله تعالى: {وَتَمَّتْ كَلِمَة رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً} [الأنعام: 115]. وقال: {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا} [النساء: 87]. ونؤمن بأن القرآن الكريم كلام الله تعالى تكلَّم به حقًّا وألقاه إلى جبريل، فنزل به جبريل على قلب النبي ـ صلى الله عليه وسلّم ـ {قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ} [النحل: 102] {وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ} [الشعراء: 192 ـ 195]. ونؤمن بأن الله عز وجل عليّ على خلقه بذاته وصفاته لقوله تعالى: {وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} [البقرة: 255] وقوله: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ} [الأنعام: 18]. ونؤمن بأنه {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الأَمْرَ} [يونس: 3]. واستواؤه على العرش: علوه عليه بذاته علوًّا خاصًا يليق بجلاله وعظمته لايعلم كيفيته إلا هو. ونؤمن بأنه تعالى مع خلقه وهو على عرشه، يعلم أحوالهم، ويسمع أقوالهم، ويرى أفعالهم، ويدبِّر أمورهم، يرزق الفقير ويجبر الكسير، يؤتي الملك من يشاء، وينزع الملك ممن يشاء، ويعز من يشاء ويذل من يشاء بيده الخير وهو على كل شيء قدير. ومن كان هذا شأنه كان مع خلقه حقيقة، وإن كان فوقهم على عرشه حقيقة {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} [الشورى: 11]. ولا نقول كما تقول الحلولية من الجهمية وغيرهم: إنه مع خلقه في الأرض، ونرى أن من قال ذلك فهو كافر أو ضال؛ لأنه وصف الله بما لا يليق به من النقائص. ونؤمن بما أخبر به عنه رسوله ـ صلى الله عليه وسلّم ـ أنه ينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول: (من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟). ونؤمن بأنه سبحانه وتعالى يأتي يوم المعاد للفصل بين العباد لقوله تعالى: {كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكّاً دَكّاً وَجَاء رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى} [الفجر: 21 ـ 23]. ونؤمن بأنه تعالى {فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ} [هود: 107]. ونؤمن بأن إرادته تعالى نوعان: كونية يقع بها مراده ولا يلزم أن يكون محبوبًا له، وهي التي بمعنى المشيئة كقوله تعالى: {وَلَوْ شَاء اللّهُ مَا اقْتَتَلُواْ وَلَـكِنَّ اللّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ} [البقرة: 253] {إِن كَانَ اللّهُ يُرِيدُ أَن يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [هود: 34]. وشرعية: لا يلزم بها وقوع المراد ولا يكون المراد فيها إلا محبوبًا له كقوله تعالى: {وَاللّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ} [النساء: 27]. ونؤمن بأن مراده الكوني والشرعي تابع لحكمته؛ فكل ما قضاه كونًا أو تعبد به خلقه شرعًا فإنه لحكمة وعلى وفق الحكمة، سواء علمنا منها ما نعلم أو تقاصرت عقولنا عن ذلك {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ} [التين: 8] {وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ} [المائدة: 50]. ونؤمن بأن الله تعالى يحب أولياءه وهم يحبونه {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ} [آل عمران: 31] {فَسَوْفَ يَأْتِ اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} [المائدة: 54] {وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ} [آل عمران: 146] {وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [الحجرات: 9] {وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [البقرة: 195]. ونؤمن بأن الله تعالى يرضى ما شرعه من الأعمال والأقوال ويكره ما نهى عنه منها {إِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ} [الزمر: 7]. {وَلَـكِن كَرِهَ اللّهُ انبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُواْ مَعَ الْقَاعِدِينَ} [التوبة: 46]. ونؤمن بأن الله تعالى يرضى عن الذين آمنوا وعملوا الصالحات {رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ} [البينة: 8]. ونؤمن بأن الله تعالى يغضب على من يستحق الغضب من الكافرين وغيرهم {الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ} [الفتح: 6] {وَلَـكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [النحل: 106]. ونؤمن بأن لله تعالى وجهًا موصوفًا بالجلال والإكرام {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} [الرحمن:27]. ونؤمن بأن لله تعالى يدين كريمتين عظيمتين {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ} [المائدة: 64] {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّموَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [الزمر: 67]. ونؤمن بأن لله تعالى عينين اثنتين حقيقيتين لقوله تعالى: {وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا} [هود: 37] وقال النبي ـ صلى الله عليه وسلّم ـ: (حجابه النور لو كشفه لأحرقت سَبَحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه). وأجمع أهل السنة على أن العينين اثنتان، ويؤيده قول النبي ـ صلى الله عليه وسلّم ـ في الدجال: (إنه أعور وإن ربكم ليس بأعور). ونؤمن بأن الله تعالى {وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الأنعام: 103]. ونؤمن بأن المؤمنين يرون ربَّهم يوم القيامة {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة:22، 23]. ونؤمن بأن الله تعالى لا مثل له لكمال صفاته {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} [الشورى: 11]. ونؤمن بأنه {لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ} [البقرة: 255] لكمال حياته وقيوميته. ونؤمن بأنه لا يظلم أحدًا لكمال عدله، وبأنه ليس بغافل عن أعمال عباده لكمال رقابته وإحاطته. ونؤمن بأنه لا يعجزه شيء في السموات ولا في الأرض لكمال علمه وقدرته {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [يس: 82]. وبأنه لا يلحقه تعب ولا إعياء لكمال قوته {وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ} [ق: 38] أي من تعب ولا إعياء. ونؤمن بثبوت كل ما أثبته الله لنفسه أو أثبته له رسوله ـ صلى الله عليه وسلّم ـ من الأسماء والصفات لكننا نتبرأ من محذورين عظيمين هما: التمثيل: أن يقول بقلبه أو لسانه: صفات الله تعالى كصفات المخلوقين. والتكييف: أن يقول بقلبه أو لسانه: كيفية صفات الله تعالى كذا وكذا. ونؤمن بانتفاء كل ما نفاه الله عن نفسه أو نفاه عنه رسوله ـ صلى الله عليه وسلّم ـ وأن ذلك النفي يتضمن إثباتًا لكمال ضده، ونسكت عما سكت الله عنه ورسوله. ونرى أن السير على هذا الطريق فرض لابد منه، وذلك لأن ما أثبته الله لنفسه أو نفاه عنها سبحانه فهو خبرٌ أخبر الله به عن نفسه، وهو سبحانه أعلم بنفسه وأصدق قيلًا وأحسن حديثًا، والعباد لايحيطون به علمًا. وما أثبته له رسوله أو نفاه عنه فهو خبرٌ أخبر به عنه، وهو أعلم الناس بربِّه وأنصح الخلق وأصدقهم وأفصحهم. ففي كلام الله تعالى ورسوله ـ صلى الله عليه وسلّم ـ كمال العلم والصدق والبيان؛ فلا عذر في ردِّه أو التردد في قبوله.